قصة المثـل السائــر: وبقيت دار لقمـان على حالها.

 يستحضر هذا المثل (دار لقمان على حالها) عندما تبقى الأوضاع والظروف على حالها دون أن يحصل تغيير أو تحول.
ولقمان المقصود في هذا المثل، ليس هو لقمان الحكيم الذي ذكر في القرآن الكريم، وإنما المثل مرتبط بإبراهيم بن لقمان قاضي مدينة المنصورة ، وتعد دار هذا القاضي لقمان، أشهر دار في التاريخ الاسلامي، إذ ارتبط اسمها بحدث كبير تمثل في أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا بعد معركة شرسة قرب مدينة المنصورة المصرية.

وكان هدف قائد الحملة الصليبية «القديس لويس» هو الاستيلاء علي مصر وتأديب ملكها الصالح «نجم الدين أيوب»، وإعادة مفاتيح «أورشليم القدس» إلي بابا روما.
غير أن السلطان الصالح «أيوب» كان قد مات داخل قصره بالمنصورة حينما كان الصليبيون يرابطون في مدينة دمياط التي استولوا عليها وامتلكوا أبراجها، فقامت زوجته «شجرة الدر» بتكتم خبر وفاته، وأرسلت أحد المماليك سراً إلي حصن «كيفا» بالعراق ليستدعي ولي عهد السلطان وابنه المعظم «توران شاه» ليتولي مقاليد الأمور، وقبل وصول السلطان الجديد كان خبر وفاة الصالح «أيوب» قد تسرب إلي الصليبيين فراحوا يتحركون اتجاه المنصورة حيث معسكر المصريين، غير أن «بيبرس» المملوك الشاب استطاع أن يوقع بهم في معركة المنصورة بعد أن دبر عدة كمائن داخل المدينة سهلت عليه اصطيادهم وقتل قائدهم الأخ الأصغر للملك «لويس» وكان ذلك في يوم «٨ فبراير» الذي أصبح عيداً قومياً تحتفل به محافظة الدقهلية كل عام حتى الآن.

لم يمر وقت طويل حتى وصل السلطان الجديد الذي أدار جانباً من المعركة بمهارة، ونجح في أسر عدد كبير من الفرنسيين وعلي رأسهم قائدهم وملكهم «لويس» وشقيقيه شارل وألفونس داخل دار قاضي القضاة إبراهيم بن لقمان، و اشترط المسلمون تسليم دمياط، ، وجلاء الحملة عن مصر قبل إطلاق سراح الملك الأسير أو غيره من كبار الأسرى، كما اشترطوا دفع فدية كبيرة للملك ولكبار ضباطه، ولم يكن أمام لويس إلا الإذعان فافتدى نفسه وبقية جنوده بفدية كبيرة قدرت بعشرة ملايين من الفرنكات كما قيل إنه رُحّل  من دمياط في يوم ٧ مايو عام ١٢٥٠ م بصحبة زوجته «مارجريت» وطفله الذي ولد أثناء المعركة، وأطلقت عليه الملكة اسم «جان تريستان» أي وليد الأحزان ليصبح الشاهد الثاني علي الهزيمة بعد أسر والد «لويس التاسع» ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية على مصر (1249 - 1250 م ) سجن بين جدران دار لقمان التي اعتقل داخلها لمدة شهر كامل بجزيرة الورد الشهيرة تقع بجوار المسجد الموافي وسط مدينة المنصورة.

تقع الدار في وسط مدينة المنصورة حيث أقيمت علي شاطئ النيل، وقد بنيت علي الطراز العربي القديم ، ويرجع تاريخ بناء هذه الدار إلي ما يربو عن 1100 عام حيث بنيت مع بدايات إنشاء الملك الكامل لمدينة المنصورة عام 975م تقريبا حيث كانت المدينة عباره عن قرية صغيرة ، كان يجاور هذه الدار مسجد كبير يطلق عليه مسجد الموافي نسبة للشيخ الموافي والذي كان يقيم حلقة علم به ، وقد ودفن فيه بعد موته؛ وقد بنى هذا المسجد  الملك الكامل مع بداية تكوين للمدينة ؛ ولا يزال هذا المسجد موجودا إلى الآن، ونجد أن حائطا من  المسجد لا يزال متداخلا مع حائط دار ابن لقمان ، مما يدل علي قدم هذه الدار وكونها بنيت منذ عهد بناء هذا المسجد،  و هذه الدار تنتسب كما سبق وأن ذكرنا ، تنتسب إلى قاضي المدينة في ذلك الوقت، وهو القاضي إبراهيم بن لقمان. 

                                                                                                                   ـــ منقــــول.


هناك تعليق واحد:

© 2013 جميع الحقوق محفوظة لمدونة بشوظ |